صدق المنجمون ولو كذبوا

قدمت دار "ديو" اليوم الإثنين عرضها لربيع وصيف 2021 من خلال فيلم فلسفي يغوص في أعماق النفس والأنا يميل إلى السريالية من إخراج ماتيو غاروني. يبدأ الفيلم بعارضة، تقوم بدورها الممثلة أغنيس كليس، تريد أن تعرف طالعها. تسألها العرافة "ماذا تريدين معرفته" فترد: "من أنا؟" لتبدأ مغامرة لإكتشاف الذات والآنا العميقة التي تتميز احيانا بازدواجية كامنة. منذ بداية المقطع الأول نعرف أن المصممة ماريا غراتزيا كيوري استوحت تشكيلتها من أوراق التاروت

تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تلعب فيها المصممة على هذه النقطة، إذ يعود الأمر إلى تاريخ دخولها الدار الفرنسية العريقة كأول مصممة امرأة تتولى هذه المهمة. حينها اكتشفت اكتشفت مدى شغف المؤسس كريستيان ديور بالتنجيم وعلم الفلك، وهو شغف وصل إلى حد الاقتناع التام بأن هناك قوى خفية تحرك حياتنا وتتحكم في مصائرنا. اقتناع بدأ بقراءة أحد العرافين طالعه وهو شاب متكهنا له بأنه سيكون له شأن كبير في مجال الأزياء. في مذكراته يقول بان هذا الشخص قال له: "سيكون الأمر مدهشاً، وستُحدث دار أزيائك ثورة في عالم الأزياء". ماريا غراتزيا كيوري، أخذت هذه العلاقة إلى بُعد فني وفلسفي أدخلتنا من خلاله عالما سحريا باستعمالها أوراق التاروت كبطاقات لدخول هذا العالم المجهول وكأداة لفك ألغازه.

والنتيجة كانت تشكيلة من الفساتين تؤكد أن "الهوت كوتور" لا تزال مختبرا للأفكار المبتكرة، تميز بعضها بتخريمات ورسمات للفنان لإيطالي المقيم في روما، بيترو روفو، فيما ساد اللون الرمادي في قمصان وتنورات و"كابات" مصنوعة من التويد والكشمير والأورغنزا وجمعت الذكوري بالأنثوي في لغة سلسة. لم يكن بإمكان ماريا غراتزيا أن تُعبر عن رؤيتها الفنية هاته من دون "ماتيو غاروني"، أحد أبرز المخرجينالإيطاليين. فهو الذي أعطى هذه الرؤية لغة بصرية قوية، تبدأ كرحلة داخلية لاكتشاف الذات، من قلب قلعة تسكنها شخصيات تجسد أوراق التاروت الرئيسية، كل واحدة تظهر بزي يحمل اسمها. ربما يكون السيناريو فلسفيا والإخراج فانتازيا يزيده القصر القديم والشموع رهبة، لكن كانت الأزياء قوة قائمة بذاتها. كانت كافية لإعطائنا جرعة من الأمل والتفاؤل في وجه مستقبل مجهول لا تزال فيه الإصابات بفيروس كوفيد-19 في تزايد.